فصل: كتاب الجمعة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المتواري على أبواب البخاري



.كتاب الجمعة:

.باب السواك يوم الجمعة:

فيه أبو هريرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة».
وفيه أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالسواك».
وفيه حذيفة: قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه.
قلت: رضي الله عنك الاستدلال للجمعة يطابق الأول، لأنه إذا ثبت السواك في غيرها من الصلوات فهي مع الندب إلى الاغتسال لها وإحسان الهيئة أولى بالسواك؟

.باب هل على من لم يشهد الجمعة غسلٌ من النساء، والصبيان وغيرهم:

وقال ابن عمر: إنما الغسل على من يجب عليه الجمعة.
فيه ابن عمر: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من جاء منكم الجمعة فليغتسل».
وفيه أبو سعيد: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من جاء منكم الجمعة فليغتسل,غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم».
وفيه أبو هريرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «نحن الآخرون السابقون»- الحديث إلى قوله- حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوماً، يغسل فيه رأسه وجسده. وقال ابن عمر: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد».
وفيه ابن عمر: كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح والعشاء في الجماعة في المسجد فقيل لها: لم تخرجين؟ وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك، ويغار. قالت: فما يمنعه أن ينهاني؟ قال: يمنعه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله».
قلت: رضي الله عنك المسألة مخلصة من الخلاف، لأنه إنما ترجم على من لم يشهد الجمعة، لا على من لم تجب عليه الجمعة، ولا على من لا تجب عليه الجمعة وشهدها. ولا خلاف أن من لم يشهدها، لأنها ليست واجبة عليه، أنه لا يخاطب بالغسل. وإنما اختلفوا فيمن شهدها وليست واجبة عليه، هل هو مخاطب بالغسل أم لا؟ ومذهب مالك استحبابه لمن حضرها، وليست واجبة عليه، على أنه ينقل عن طاوس وأبي وائل أنهما كان يأمران نساءهما بالغسل يوم الجمعة، فيحتمل أن يكونا أمراهن بذلك، لأنهن يحضرنها. ويحتمل أن يكون ذلك لاعتقادهما أنهما من سنة اليوم، والحديث الذي في الترجمة، وهو قوله: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم» يشير إليه. فتأمله. وأدخل حديث: «ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد»لينّبه، على سقوط الجمعة عنهن.

.باب صلاة الخوف- باب صلاة الطالب والمطلوب، راكباً وإيماء-:

وقال الوليد: ذكرت للأوزاعي صلاة شرحبيل بن السمط وأصحابه على ظهر الدابة، قال: كذلك الأمر عندنا إذا تخوفت الفوت. واحتج الوليد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي أحد العصر إلا في بني قريظة».
فيه ابن عمر: قال النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من الأحزاب: «لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة»، فأدرك بعضهم العصر في الطريق. وقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها. وقال بعضهم: نصلي، لم يرد منا ذلك. فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحداً منهم.
قلت: رضي الله عنك! إن قلت أشكل على وجه الاستدلال بحديث ابن عمر، فليس فيه إلا أن إحدى الطوائف صلت ولم يبين ركباناً أو نزلوا فكيف يطابق إطلاق الحديث خصوص الترجمة حتى يستتب؟
قلت: أشكل ذلك على ابن بطال، فقدر الاستدلال بالقياس. فقال: موضع المطابقة من تأخير إحدى الطائفتين للصلاة إلى أن غابت الشمس. ووصلوا بني قريظة. فلما جاز لها أن تؤخر عن الوقت، والصلاة في الوقت مفترضة، فكذلك يجوز ترك إتمام الأركان، والانتقال إلى الإيماء انتهى كلامه.
والأبين عندي- والله أعلم- على غير ذلك، فإنما استدل البخاري بالطائفة التي صلت. فظهر له أنها لم تنزل لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمرهم بالاستعجال إلى بني قريظة. والنزول ينافي مقصود الجدّ في الوصول. فمنهم من بنى على أن النزول للصلاة معصية للأمر الخاص بالجد، فتركها إلى أن فات وقتها لوجود المعارضين ومنهم من جمع بين دليلي وجوب الصلاة، ووجوب الإسراع في هذا السير، فصلى راكباً. ولو فرضناها صلت نازلة لكان ذلك مضادة لما أمر به صلى الله عليه وسلم. وهذا لا يظن بأحد من الصحابة على قوة أفهامهم، وحسن اقتدائهم. والله أعلم. وأما صلاة المطلوب، فمأخوذ بالقياس على الطالب، بطريق الأولى. والله أعلم.

.كتاب العيدين:

.باب إذا فاته العيد يصلي ركعتين:

وكذلك النساء ومن في البيوت والقرى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «هذا عيدنا يا أهل الإسلام». وأمر أنس مولاهم ابن أبي عتبة بالزاوية، فجمع أهله وبنيه وصلى كصلاة أهل المصر، وتكبيرهم. وقال عكرمة: أهل السواد يجمعون في العيد يصلون ركعتين كما يصنع الإمام. وقال: عطاء إذا فاته العيد صلى ركعتين.
فيه عائشة: أن أبا بكر- رضي الله عنه- دخل عليها، وعندها جاريتان في أيام منى تدففان- والنبي صلى الله عليه وسلم متغشٍ بثوبه، فانتهرهما أبو بكر فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه، وقال: «دعهما يا أبا بكر، فإنها أيام عيد».
قلت: رضي الله عنك! موضع الاستدلال من حديث عائشة الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم: «إنها أيام عيدٍ»، فأضاف نسبة العيد إلى اليوم على الإطلاق فيستوي في إقامتها الفذ، والجماعة، والنساء، والرجال. والله أعلم.

.كتاب الاستسقاء:

.باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا:

فيه عبد الرحمن بن عبدالله بن دينار عن أبيه: سمعت عمر يتمثل بشعر أبي طالب:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ** ثمال اليتامى عصمة للأرامل

وفيه أنس: أن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- كان إذا قحطوا، استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيّنا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، فاسقنا. قال: فيسقون.
قلت: رضي الله عنك! وجه إدخال الترجمة في الفقه، التنبيه على أن للعامة حقاً على الإمام أن يستسقى لهم إذا سألوا ذلك. ولو كان من رأيه هو التأخير من باب التفويض إلى التقدير. ووجه مطابقة الترجمة للحديثين قول أبي طالب: وأبيض يستقى الغمام بوجهه، ففاعل يستقى محذوف. وهم الناس. وكذلك قول عمر: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيّك محمد، دل على أنهم كانوا يتوسلون. وأن لعامة المؤمنين مدخلاً في الاستسقاء. والله أعلم.

.كتاب سجود القرآن:

.باب سجود المسلمين مع المشركين:

والمشرك نجس ليس له وضوء وكان ابن عمر يسجد على غير وضوئه.
فيه ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ النجم فسجد، وسجد المسلمون والمشركون، والجن، والإنس.
قلت: رضي الله عنك! هذه الترجمة متلبسة. والصواب رواية من روى أن ابن عمر كان يسجد للتلاوة على غير وضوء. والظاهر من قصد البخاري أنه صوب مذهبه. فاحتج له بسجود المشركين لها. والمشرك نجس لا وضوء له. ولم يذكر البخاري تمام القصة، ولا سبب سجود المشركين. وفي الإمساك عن ذكره إيهام تقربهم على فهمهم، وليس كذلك، لأن الباعث لهم على تلك السجدة الشيطان لا الإيمان فكيف يعتبر فعلهم حجة؟ والله أعلم بمراده من هذه الترجمة.

.كتاب تقصير الصلاة:

.باب إذا صلى قاعداً ثم صح، أو وجد خفة، يتم ما بقي:

وقال الحسن: إن شاء المريض صلى ركعتين قاعداً وركعتين قائماً.
فيه عائشة: إنها لم تر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل قاعداً قط، حتى أسنّ، فكان يقرأ قاعداً حتى إذا أراد أن يركع، قام فقرأ نحواً من ثلاثين أو أربعين آية، ثم ركع.
قلت: رضي الله عنك! إن قلت: ما وجه دخول الترجمة في الفقه. ومن المعلوم ضرورة أن القيام إنما سقط لمانع منه، فإذا جاءت الصحة، وزال المانع وجب الإتمام قائماً؟
قلت: إنما أراد دفع خيال من تخيّل أن الصلاة لا تتبعّض. فإما قائماً كلها، يستأنف إذا صحّ للقيام، وإما جالساً كلها إذا استصحبت العلة. فبيّن بهذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ على القيام في النافلة ما أمكنه، ولما أسنّ تعذّر عليه استيعابها بالقيام، فبعّضها. فكذلك الفريضة، إذا زال المانع لم يستأنفها بطريق الأولى. والله أعلم.

.كتاب التهجد:

.باب ترك القيام للمريض:

فيه جندب: اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يقم ليلة أو ليلتين. وقال جندب: احتبس جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت امرأة من قريش: أبطأ عنه شيطانه، فنزلت: {والضحى والليل إذا سجى. ما ودعك ربك وما قلى. وللآخرة خير لك من الأولى. ولسوف يعطيك ربك فترضى} [الضحى: 1- 5].
قلت: رضي الله عنك إن قلت: ذكر شارح البخاري في شرح هذا الحديث أن المرأة التي نزلت بسببها سورة الضحى خديجة. قلت ولا يصح عن خديجة رضي الله عنها ولا يقتضيه إيمانها وفضلها. فقد كان من شأنها أن تثبت. وناهيك بحديثها أول الوحي، وقولها: «والله لا يخزيك الله أبداً». الحديث.

.باب طول القيام في صلاة الليل:

فيه عبدالله قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يزل قائماً، حتى هممت أن أقعد وأذر النبي صلى الله عليه وسلم.
وفيه حذيفة: أن النبي صلى الله عليه وسلم: «كان إذا قام للتهجد من الليل، يشوص فاه بالسواك».
قلت: رضي الله عنك! ما وجه دخول حديث حذيفة في الترجمة ومضمونها طول قيام الليل. وإنما في الحديث السواك بالليل؟. قلت: قد استشكله ابن بطال حتى عد ذكره فيها من غلط الناسخ، أو لأن البخاري- رحمه الله- اخترم قبل نسخ كتابه. ويحتمل عندي- والله أعلم- أن يكون في الحديث إشارة إلى معنى الترجمة، من جهة أن استعمال السواك حينئذ يدلّ على ما يناسبه من إكمال الهيئة، والتأهب للعبادات، وأخذ النفس حينئذٍ بما يؤخذ به في النهار، فكان ليلته صلى الله عليه وسلم نهاراً، وهو دليل طول القيام فيه، إذ النافلة المخففة لا يتهيأ لها هذا التهيؤ الكامل. والله أعلم.

.باب صلاة الضحى في السفر:

فيه مورق: قلت لابن عمر: تصلي الضحى؟ قال: لا. قلت فعمر؟ قال: لا. قلت فأبو بكر؟ قال: لا. قلت فالنبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا إخاله.
وفيه ابن أبي ليلى: قال ما حدثنا أحد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى غير أم هاني، قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة، فاغتسل، وصلى ثمان ركعات. فلم أر صلاة قط أخف منها، غير أنه يتم ركوعها وسجودها.
قلت: رضي الله عنك! إن قلت: ما وجه مطابقة حديث ابن عمر للترجمة وهي مخصوصة بصلاة الضحى في السفر. وحديث ابن عمر نفي مطلق عن الحضر والسفر؟ قلت: أشكل هذا على ابن بطال، فحمله على غلط الناسخ، وأنه نقل الحديث من الترجمة التي بعد هذه وهي قوله: باب من لم يصلّ الضحى، ورآه واسعا. وهو معذور إذا ذهبت فكرته في غور هذا المصنف للقصور، فإن بحر البخاري- رحمه الله- عميق، وقطره في أصول الشريعة غريق. والذي لاح لي أن الحديث مكانه من الترجمة على الصحة. وإن البخاري لما اختلفت عليه ظواهر الأحاديث في صلاة الضحى، كحديث أبي هريرة: «أوصاني خليلي بثلاث، لا أدعهن: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، ونوم على وتر، وصلاة الضحى». نزل حديث النفي على السفر، ونزل حديث الإثبات على الحضر. وترجم لحديث أبي هريرة (باب صلاة الضحى في الحضر)، وهو في حديثه بين. فإن قوله: «ونوم على وتر» يفهم الحضر. والترغيب في الصيام أيضاً. والتأكيد يدلّ على الحضر إذ الواجب منه في السفر، لم يؤكد فيه فضلاً عن النافلة. وأدخل حديث أم هاني في هذه الترجمة، لأنه عليه السلام يوم فتح مكة لم يكن مقيماً بوطنه، فنبّه على أن أمرها في السفر على حسب الحال، وتسهيل فعلها، لئلا يتخيل أنها ممنوعة في السفر، أو مبتدعة. والله أعلم. ويؤيد حمل حديث ابن عمر على السفر أنه كان لا يسبح في السفر، ويقول: لو كنت مسبّحاً أتممت صلاتي. فيحمل بقية لصلاة الضحى على عادته المعروفة. والله أعلم. فتأمله.